من أرشيف الذاكرة .. لمن لا يعرف التاريخ..!

من أرشيف الذاكرة .. لمن لا يعرف التاريخ..!

– قد تنجح اليوم سلطة صنعاء أو عدن في اسكاتنا و التخلص من إزعاجنا للأبد .. قد تنجح في تهميشنا و النيل البالغ منّا .. قد تنجح في قمعنا و اخمادنا، و المكر بنا، و تتوهم أن الأمور بفعلها هذا ستستب لها و تستقر، و لكن مكر التاريخ أشد و أمكر لمن يستسهله؛ فلا يخدعنك طول صبره؛ فهو أقدر على الصبر، و لكنه أيضا صعب المراس، و بالغ الحكمة، و شديد العقاب.

– الأكيد أيضا و بقدر ما تحققه السلطة من نجاح ضدنا، فإنها لن تذهب نحو المستقبل .. لن تذهب نحو التنمية، و بناء الدولة، و تحقيق الانفراجات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية لأبناء شعبنا، حتى و إن توهمت إنها قادرة على فعل ذلك بعد أن تزيحنا من طريقها بعد تعبيد..

– الإزاحة لنا و لأمثالنا، و التي ظنت السلطة إنها حققت به منفسا و متسعا لها يطيل من عمرها المديد، سرعان ما سيتلاشى و يضيق، لأنه سيشغله حتما غيرنا، و غيرنا هذا لن يكون غير مراكز الفساد فيها أو بعضها، و التي ستطيح بها ذات يوم، أو سيحتدم الصراع فيما بينها، أو تتظافر عوامل الفناء فيها، لتشهد نهايتها الأكيدة .. حتى و إن ذهبت إلى هدم المعبد على رؤوس الجميع، فالجازم و الأهم أنها و في كل الأحوال لن تذهب نحو المستقبل، فـ”المستقبل فقط لمن يبحث عنه”.

– لقد ظنت سلطة صالح أنها نجحت و أفلحت، و تعبد لها الطريق، و أن العمر أمامها بات طويلا و مديدا، بعد أن أزاحت و تخلصت من عبد الحبيب سالم و يوسف الشحاري و الربادي و عمر الجاوي، و كل الممتلئين بإشراقة المستقبل، و لكن شغل مكانهم الفاسدون و المستبدون و الظلاميون، و ماذا كانت النتيجة..؟! إن النتيجة أو بعضها هي فيما ترونه اليوم من دمار و خراب و فناء..

– و بعد سلطة صالح جاءت سلطة حزب الإصلاح و التي أعتاشت و استقوت في كنف نظامه، و تحالفت معه ضد خصومه، ثم انقلبت عليه، و ركبت ثورة الشباب و بدأت في سرقتها من يومها الأول، و ظنت بعد وقت غير طويل أنها تخلصت منّا إلى الأبد، و حولت غيرنا إلى أتباع أفراد و أحزاب، و رأت أن الله مكنها في الأرض، و سارت في سياسة التمكين بلا هوادة، فماذا كانت النتيجة..؟! النتيجة أو بعضها تجدونها فيما ترونه اليوم .. تم هدم المعبد على رؤوس الجميع، و خسر الجميع و أولهم الوطن.

– جاءت جماعة أنصار الله “الحوثيين”، وكنّا معا، أو هي من كانت معنا في “ثورة ضد الفساد” و ما أن بدت الفرصة سانحة و مواتية لها، كانت أول ما فعلته هو الغدر بنا في ساحة التغيير، و الانقلاب على ما تم الاتفاق عليه معنا و مع “جبهة الإنقاذ” من أهداف و ميثاق شرف، و كان هذا تحديدا في 4 أغسطس 2014 قبل أن تنقلب هي على الجميع .. صرختُ ذلك اليوم من بين أوساطهم أنهم جماعة خطرة و لا يختلفون عن سابقيهم، فيما كان مناصريهم يحيطون بي إحاطة السوار بالمعصم، و يصرخون في وجهي “الموت لأمريكا الموت لإسرائيل” و منها أنفض تحالفنا معهم إلى اليوم .. أقول هذا للتاريخ لا لغيره.

– ظن أنصار الله أنهم قد قبضوا على التاريخ من يده و تلابيبه، و أنه صار طوع بنانهم، و أن مجدهم عاد بعد انقطاع، و أن القادم بات لهم دون منازع، فالجميع آيل نحو الغروب، إلا هم ثورة مجيدة لا يرد لها خطاب أو كلام .. ظنوا أن الله مكنهم إلى الأبد، و أنه منحهم على هذا الشعب سلطة الغلبة و القضاء و القدر .. و ماذا كانت النتيجة .. كان كل هذا الذي تشاهدونه اليوم من خراب و دمار و بقايا وطن و إنسان تلاشى..

– ها هي اليوم أكثر الخاسرين، و شعبنا و الوطن أول من خسر، غير أن الأمل لا يزول، و الشعوب لا تموت، و المستقبل لن يكون إلا لمن يبحث عنه، و لو بعد حين.

***

يتبع..

رابط المقال هنا

للاشتراك في قناة أحمد سيف حاشد على التليجرام انقر هنا

أضف تعليق